الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان
في مستهل حواره المهم مع الأهرام, أكد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة, أن العلاقات مع مصر استراتيجية. ونوه الشيخ خليفة إلي حرص الراحل الشيخ زايد وإدراكه لمكانة مصر وثقلها في منظومة الأمن القومي العربي.
وعبر الشيخ خليفة عن تقديره للرئيس مبارك لمواقفه المشهودة ومبادراته المحمودة لنصرة الحقوق العربية, وتنقية الأجواء, وتوحيد الصف, وتحقيق السلام والوئام.
وعلي الرغم من تأكيده المزايا النسبية التي يتمتع بها الاقتصاد المصري, والتنوع في المجالات التي تتوافر أمام المستثمر الإماراتي, وتشكل بدورها حوافز مشجعة له, فإن الشيخ خليفة أشار إلي أن الاستثمارات المشتركة بين البلدين مازالت أقل من الطموح, والمرحلة المقبلة تتطلب المزيد من الجهد في الترويج للفرص الاستثمارية, وزيادة تدفق المعلومات عن المناخ الاستثماري, وتطوير التشريعات المنظمة للاستثمار بالشكل الذي يتناسب مع الإيقاع السريع في الأسواق المالية.
وقال رئيس دولة الإمارات: إن الواقع العربي علي غير ما نتمني, ويعيش حالة من عدم الاستقرار منذ عقود, إلا أنه أكد في الوقت نفسه أن هذا الواقع برغم علاته فيه العديد من عوامل القوة الكامنة تجعلنا متفائلين بالمستقبل إذا أحسنا استثمارها نزيد أسباب القوة والتطور.
ورفض الشيخ خليفة اتخاذ القضية الفلسطينية ذريعة أو شماعة لتعليق أخطائنا عليها, وتقصيرنا في جوانب كثيرة من العمل العربي المشترك, غير أنه أكد في الوقت نفسه التزام بلاده بتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة, وصولا إلي إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي التي احتلتها عام1967, بما فيها القدس الشريف, وإعادة الجولان, وما تبقي من الأراضي اللبنانية, وذلك في إطار التزام عربي بما ورد في مبادرة السلام العربية التي تدعو إلي صيغة سلام عادل تضمن الأمن لإسرائيل.
وقال خليفة: إن العراق مازال يحتاج إلي المزيد من الجهود حتي يستعيد عافيته ودوره الإقليمي ومكانته كعامل فاعل من عوامل الاستقرار في المنطقة, مشيرا إلي أن الإمارات, وفي إطار التزاماتها القومية, بادرت إلي شطب كامل ديونها علي العراق بهدف مساعدة الحكومة العراقية في تنفيذ خطط إعادة الإعمار والبناء, وتحسين الوضع الأمني لها.
مضيفا أن العمل يجري الآن لاستكمال فتح السفارة ببغداد كجزء من الدعم السياسي للجهود المبذولة علي الصعيد الأمني, وتشجيع فئات الشعب العراقي علي نبذ كل أشكال العنف الطائفي والمذهبي.
وأكد خليفة حق الإمارات الثابت في جزر أبوموسي, وطنب الكبري, وطنب الصغري المحتلة, وفي الوقت نفسه, تمسك بلاده بخيار التسوية السلمية لهذا النزاع عن طريق تحكيم الشرعية الدولية.
وعلي الرغم من احتلال إيران لهذه الجزر, فإن الإمارات كما ـ قال الشيخ خليفة ـ تنظر لها كدولة جارة يربطها بها تاريخ طويل من العلاقات والمصالح المتبادلة في مجالات عديدة, وأن الحل العادل للنزاع من شأنه توسيع آفاق التعاون بين البلدين, وتحسين مناخ الأمن والاستقرار, أما فرض واقع معين علي الأرض فهو رهان خاسر لن يؤدي إلي أي نتيجة, كما أنه لن يثني الإمارات عن المطالبة بحقوقها المشروعة والعادلة في الجزر طال الزمن أم قصر.
وأكد الشيخ خليفة أن تأمين سلامة الملاحة بمضيق هرمز مسئولية دولية, ومن غير الملائم أن يصبح هذا الممر الحيوي موضوع مزايدات سياسية, وليس مقبولا التحدث عن بدائل لاستمرار تدفق النفط, لأن الأمر لا يتعلق بدول الخليج, بل بالعالم أجمع. وأشار إلي أنه يجب عدم تكريس انطباع استنفاد المساعي السلمية للملف النووي الإيراني, مؤكدا أن الإمارات, ومعها دول الخليج, مازالت تعول علي نجاح المساعي متعددة الأطراف لإقناع إيران بالتجاوب مع ما يريده المجتمع الدولي.
وقال خليفة: إن بلاده ترفض إقحام الخليج في سباق التسلح, لكن هذا لا يعني الانتقاص من الحق في امتلاك أسلحة متطورة, مشيرا إلي أن الإمارات والخليج لديهما سياسة دفاعية قائمة علي أساس احترام خيارات الآخرين, وردع أي محاولة لفرض هذه الخيارات علينا.
وعن الداخل الإماراتي, أكد الشيخ خليفة وجود مستويات لمعالجة خلل التركيبة السكانية فيها, منها ضبط سوق العمل, وضمان عدم تحول العمالة المؤقتة إلي عبء سكاني دائم, وفي الوقت نفسه العمل علي تغيير القدرات البشرية المحلية والسماح بامتلاك وتشغيل وسائل التقنية الحديثة التي تقلل من الاعتماد علي العمالة الأجنبية.
وقال: إن ما ننعم به اليوم من أمن واستقرار, علي الرغم من التنوع الكبير في التركيبة السكانية دليل علي أن لدينا القدرة علي ضبط إيقاع العلاقات داخل المجتمع الإماراتي من خلال احترام حقوق الإنسان, وضمان كرامته, وتوفير سبل العيش الكريم لكل من يقيم علي أرضه.
وأضاف: أن نجاح الصيغة الاتحادية يكمن في صدق وإخلاص البناة الأوائل, وعلي رأسهم المغفور له الشيخ زايد الذي ركز علي التنمية البشرية, واعتماد مبدأ التدرج في بناء الاتحاد, إدراكا منه بأن عقودا طويلة وموروثات معقدة من العادات والمفاهيم لا يمكن تجاوزها بسهولة, ومن جانبنا, فنحن نعمل علي الحفاظ علي المكتسبات التي تحققت.